الخميس

جبل بصيغة رجل


لم تعد الكتابة تستهويني ، ولم تعد صياغة الجمل والعبارات في سلم اهتماماتي ، فلا اهمية لما نكتب امام ما يحدث ، نحن في الشتات نقاسي شتاء غربتنا وفي العراق رجال ونساء كالجبال يقفون بانتصاب غريب امام تقلبات الاحداث ،العراقيون يا سادة تاريخ بصيغة الحاضر و المستقبل ، العراقيون والعراقيات قصص تذكر البشرية ان الانسان يجب ان يكون اقوى من الدمار الذي يستهدفه بعد ان صنعه هو بنفسه ، اليوم وجدت نفسي امام حاسوبي المتهالك افتح صفحة بيضاء لاكتب عن رجل عرفته مؤخرا ، رجل يعبر عن شريحة كبيرة من ابناء العراق ، انه الشيخ محمد الريحان شيخ عشيرة السادة المشاهدة في الفلوجة ، تعرفت عليه في الشتات فقد تصادف وجودي معه في احدى العواصم العربية اثناء زيارته لها فهو لم يبرح الفلوجه ولن يفعل كما اخبرني لانه بدون هواءها لا يعيش ،( ابو عامر) تغيرت حياته منذ دخول المحتل وعملائه ارض الرافدين ، التغير كان جوهريا لكنه لم يؤثر في منطق وقناعات هذا العراقي الشهم ، استشهد ابنه الاول في انفجار سيارة مفخخة ، وفقد ابنه الثاني بعد ان اختطفته ميلشيات الموت ولا يعرف لهم مصير رغم انه دفع الفدية التي اجبره على دفعها الخاطفون ، (ابو عامر ) العربي الشهم احتسب ابناءه وابناء عشيرته عند الله شهداء واستمر في حياته يدافع عن اسم العراق وعراقة عشائرة في كل محفل يتصدر فيه للحديث او النقاش وهو المتحدث المثقف ورجل القبيلة العارف بالتقاليد والاعراف العشائرية ، وبينما هو معنا اذا بهاتفه يرن ، فردد الشيخ اللهم اجعله خيرا واجاب المتصل ، وكأن قلبه اعلمه فقلب المؤمن دليله ، فاذا بالمتصل يخبره ان ولده الثالث قد انفجرت عليه سيارة مفخخة اثناء تواجده في احدى شوارع الفلوجة وان حالته خطرة ، انهى الاتصال ، ووقف الرجل واعتذر من الحضور بكل وقار وقال لنا لابد ان ارجع للفلوجة فابني بين الحياة والموت ،تأملت كثيرا في محيا هذا الهمام ، تخيلته نخلة يحتطبها المفسدون فلا تابه لهم ، تخيلته نهرا جفت منابعه فترفع عن الشكوى ، تخيلته عراقا كثر النابحين عليه فلا يعيرهما اي انتباه ، فطوبا لك يا اب عامر من رجل يمثل العراق بقامة تعانق سماء القيم والمبادئ ، واعانك الله على خطوب الدهر ، واسكن الله الصبر في قلبك وعقلك وبالشفاء العاجل لاخونا (ثامر) ولكل جرحى العراق

ليست هناك تعليقات: